علامات خصوبة المرأة

علامات خصوبة المرأة

تُعد خصوبة المرأة من الجوانب الهامة في الصحة الإنجابية، وتعتمد بشكل أساسي على عملية الإباضة المنتظمة. فالإباضة هي المرحلة التي يقوم فيها المبيض بإطلاق بويضة ناضجة وقابلة للتخصيب، وهي الفترة التي تكون فيها المرأة في أوج قدرتها على الحمل. تظهر على بعض النساء علامات واضحة تدل على فترة الخصوبة أو الإباضة، بينما قد لا تلاحظ أخريات هذه العلامات بشكل ملحوظ. ومع ذلك، من الضروري التأكيد على أن عدم ظهور هذه العلامات الظاهرية لا يعني بالضرورة عدم وجود خصوبة لدى المرأة. في هذا المقال، سنتناول بالتفصيل أهم علامات خصوبة المرأة والمرتبطة بشكل مباشر بفترة الإباضة.

ما هي علامات خصوبة المرأة المرتبطة بالإباضة؟

تبدأ مرحلة الإباضة عادةً قبل حوالي 10 إلى 16 يومًا من بداية الدورة الشهرية التالية. وخلال هذه الفترة القصيرة، يقوم أحد المبيضين (أو كلاهما في حالات نادرة) بإطلاق بويضة ناضجة. وعند حدوث الإباضة، قد تظهر على المرأة عدة علامات تشير إلى فترة الخصوبة. من المهم الإشارة إلى أن هذه العلامات قد تختلف من امرأة لأخرى وقد لا تكون موجودة لدى جميع النساء. إليك أهم هذه العلامات:

  • ألم الإباضة (Mittelschmerz): تعاني بعض النساء من ألم يُعرف باسم “ألم الإباضة” أو باللغة الألمانية “Mittelschmerz”، وهو ألم خفيف أو متوسط الشدة يشعرن به في أحد جانبي أسفل البطن، أي في منطقة المبيضين. قد يختلف موقع الألم من شهر لآخر، حيث قد تشعر المرأة به في الجهة اليمنى في شهر وفي الجهة اليسرى في الشهر التالي، وذلك تبعًا للمبيض الذي أطلق البويضة في ذلك الشهر. غالبًا ما يحدث هذا الألم قبل الإباضة مباشرة أو أثناءها. بالإضافة إلى الألم، قد تصف بعض السيدات شعورًا بالحرقة أو الوخز في المنطقة المصابة. يُعتقد أن سبب هذا الألم يعود إلى تمزق الحويصلة المبيضية التي تحتوي على البويضة الناضجة وخروج السوائل منها، مما قد يهيج الغشاء البريتوني المحيط بالمبيض. قد يستمر ألم الإباضة لبضع دقائق فقط لدى بعض النساء، بينما قد يطول ليوم أو يومين لدى أخريات.

  • ارتفاع طفيف في درجة حرارة الجسم القاعدية (Basal Body Temperature – BBT): تُعد مراقبة درجة حرارة الجسم القاعدية طريقة أخرى يمكن أن تساعد في تحديد فترة الإباضة. درجة حرارة الجسم القاعدية هي درجة حرارة الجسم عند الاستيقاظ مباشرة بعد ليلة من النوم الكافي وقبل القيام بأي نشاط. خلال أول 24 ساعة تقريبًا من الإباضة، يحدث ارتفاع طفيف في درجة حرارة الجسم القاعدية يتراوح عادة بين 0.3 إلى 0.6 درجة مئوية (0.5 إلى 1 درجة فهرنهايت). يعزى هذا الارتفاع في درجة الحرارة إلى زيادة إفراز هرمون البروجسترون بعد الإباضة. يلعب هرمون البروجسترون دورًا هامًا في تهيئة بطانة الرحم لاستقبال البويضة المخصبة وزيادة سمكها. إذا لم يحدث تخصيب للبويضة، فإن مستويات هرمون البروجسترون تنخفض تدريجيًا قبل بدء الدورة الشهرية التالية، وبالتالي تعود درجة حرارة الجسم القاعدية إلى مستوياتها الطبيعية قبل الإباضة. لتتبع هذه التغيرات بدقة، تحتاج المرأة إلى قياس درجة حرارتها القاعدية يوميًا في نفس الوقت تقريبًا وقبل النهوض من السرير وتسجيلها على مخطط بياني.

  • تغيرات في سائل عنق الرحم (Cervical Mucus): يُعد سائل عنق الرحم مادة مخاطية تفرزها الغدد الموجودة في عنق الرحم. يلعب هذا السائل دورًا حيويًا في تسهيل حركة الحيوانات المنوية ووصولها إلى البويضة لتخصيبها. خلال الدورة الشهرية، يمر سائل عنق الرحم بعدة تغيرات في كميته وقوامه ولونه. وقبل الإباضة مباشرة وخلالها، يصبح سائل عنق الرحم أكثر غزارة وأقل لزوجة وأكثر مرونة، ويشبه في مظهره بياض البيض النيء. هذا التغير في قوام سائل عنق الرحم يجعله أكثر ملاءمة لمرور الحيوانات المنوية بسهولة عبر عنق الرحم إلى الرحم وقنوات فالوب حيث قد توجد البويضة. بالإضافة إلى ذلك، يساعد هذا السائل على إبقاء الحيوانات المنوية حية وقادرة على تخصيب البويضة لمدة قد تصل إلى خمسة أيام. كما يوفر سائل عنق الرحم الرطوبة اللازمة للمهبل لتسهيل عملية الجماع خلال فترة الخصوبة.

  • تغييرات طفيفة على اللعاب (Salivary Ferning): تُعد التغيرات التي تطرأ على اللعاب من المؤشرات الأخرى التي قد تدل على فترة خصوبة المرأة. قبل الإباضة، ومع ارتفاع مستويات هرمون الأستروجين، تبدأ بلورات ذات شكل يشبه أوراق السرخس في التكون في اللعاب المجفف عند فحصه تحت المجهر. يُعرف هذا النمط باسم “تعشيش السرخس” (Ferning). ومع ذلك، هناك العديد من العوامل التي يمكن أن تؤثر على هذه التغيرات في اللعاب وتجعل ملاحظتها صعبة أو غير دقيقة. تشمل هذه العوامل التدخين، وتنظيف الأسنان، وتناول الطعام والشراب قبل فحص اللعاب. لذا، يُعتبر هذا المؤشر أقل موثوقية مقارنة بالعلامات الأخرى مثل تغيرات سائل عنق الرحم ودرجة حرارة الجسم القاعدية.

علامات أخرى قد ترتبط بالخصوبة عند المرأة بشكل غير مباشر:

بالإضافة إلى العلامات المرتبطة بشكل مباشر بالإباضة، هناك بعض الخصائص أو العلامات الأخرى التي قد يُعتقد أنها مرتبطة بالخصوبة لدى المرأة، على الرغم من أن العلاقة بينها وبين الخصوبة قد تكون أكثر تعقيدًا أو غير مباشرة:

  • طول المرأة: هناك اعتقاد شائع بأن النساء الأقل طولًا هن أكثر خصوبة. ومع ذلك، تشير الأبحاث إلى أن النساء ذوات الطول المتوسط قد أصبحن أكثر خصوبة عبر الزمن. يُعزى ذلك جزئيًا إلى تفضيلات الشريك الذكر الذي يميل غالبًا إلى اختيار المرأة ذات الطول المتوسط مقارنة بالمرأة الطويلة جدًا أو القصيرة جدًا. بالإضافة إلى ذلك، تشير بعض الدراسات إلى أن نسبة وفيات الأطفال المولودين لأمهات قصيرات القامة قد تكون أعلى مقارنة بالأمهات طويلات القامة. لذا، لا يمكن اعتبار قصر القامة مؤشرًا إيجابيًا للخصوبة بشكل قاطع.

  • حجم الثدي: تشير بعض الأبحاث إلى وجود ارتباط بين شكل جسم المرأة ومستويات الهرمونات وبالتالي خصوبتها. فقد لوحظ ارتفاع في مستويات كل من هرمون الأستراديول وهرمون البروجسترون لدى النساء اللاتي يمتلكن حجم صدر أكبر مع محيط خصر أصغر مقارنة بالنساء اللاتي لديهن حجم صدر أصغر، حتى وإن كان لديهن محيط خصر مماثل. يُعتقد أن توزيع الدهون في الجسم ونسب الخصر إلى الورك والصدر قد تعكس مستويات الهرمونات الجنسية وتؤثر على الخصوبة.

  • الصوت: أشارت بعض الدراسات إلى وجود رابط بين خصوبة المرأة وخصائص صوتها. فقد وُجد أن التردد الأساسي للصوت لدى المرأة يزداد ويصبح أكثر جاذبية للرجال قبل فترة الإباضة. كما لوحظ أن تردد الصوت قد يختلف بشكل طفيف خلال مراحل الدورة الشهرية المختلفة، مما يشير إلى تأثير الهرمونات الجنسية على خصائص الصوت.

معتقدات خاطئة شائعة حول الخصوبة:

بعد أن استعرضنا علامات خصوبة المرأة، من المهم أن نتطرق إلى بعض المعتقدات الخاطئة الشائعة حول الخصوبة والتي قد تؤدي إلى قلق غير مبرر أو اتخاذ قرارات غير صحيحة:

  • الضغط العصبي يؤثر بشكل كبير على الخصوبة: على الرغم من أن الضغط العصبي قد يكون له تأثيرات سلبية على الصحة العامة وقد يزيد من صعوبة الحمل لدى بعض الأزواج، إلا أنه لا يوجد دليل علمي قاطع يؤكد على أن الضغط العصبي بحد ذاته يقلل من خصوبة المرأة بشكل مباشر. ومع ذلك، يمكن أن يؤثر الضغط العصبي بشكل غير مباشر عن طريق تقليل الرغبة الجنسية أو التأثير على انتظام الدورة الشهرية لدى بعض النساء.

  • نوعية الطعام السيئة تؤدي إلى انخفاض الخصوبة: لا يوجد رابط علمي مباشر يربط بين تناول أنواع معينة من الأطعمة وانخفاض الخصوبة لدى المرأة. ومع ذلك، فإن اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن غني بالعناصر الغذائية الضرورية يُعد أمرًا هامًا للصحة العامة وقد يدعم الصحة الإنجابية بشكل عام. لذا، يُنصح دائمًا بتجنب الأطعمة غير الصحية والمعالجة والتركيز على نظام غذائي متوازن.

  • إيقاف التدخين ضروري فقط أثناء فترة الحمل: هذا الاعتقاد خاطئ تمامًا. التدخين له آثار سلبية عديدة على صحة المرأة بشكل عام وعلى خصوبتها بشكل خاص. يمكن أن يؤثر التدخين على مخزون البويضات لدى المرأة ويقلل من جودتها، بالإضافة إلى زيادة خطر حدوث الحمل خارج الرحم. لذا، فإن الإقلاع عن التدخين ضروري في جميع الأحوال، وليس فقط أثناء فترة الحمل.

  • انخفاض الخصوبة يبدأ فقط بعد سن 35 عامًا: هذا الاعتقاد الشائع غير دقيق. تولد كل فتاة بعدد محدد من البويضات (المخزون المبيضي)، ويبدأ هذا المخزون في الانخفاض تدريجيًا مع التقدم في العمر. يبدأ انحدار مخزون البويضات في منتصف العشرينات من العمر، ويتسارع هذا الانخفاض بشكل ملحوظ بعد منتصف الثلاثينات. ونتيجة لذلك، تقل فرص الإنجاب والخصوبة بشكل عام لدى النساء في منتصف الأربعينات من العمر. لذا، يجب أن تكون النساء على دراية بأن الخصوبة تبدأ في التناقص قبل سن 35 عامًا.

في الختام، فهم علامات خصوبة المرأة يمكن أن يساعد الأزواج الذين يحاولون الإنجاب على تحديد الأيام الأكثر خصوبة في الدورة الشهرية لزيادة فرص الحمل. ومع ذلك، من المهم تذكر أن هذه العلامات قد تختلف من امرأة لأخرى وقد لا تكون دائمًا واضحة. إذا كانت هناك أي مخاوف بشأن الخصوبة، فمن الضروري استشارة الطبيب المختص لتقييم الحالة بشكل شامل وتقديم المشورة والتوجيه المناسبين.

مقالات ذات صلة
اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.تم وضع علامة * على الحقول المطلوبة