تُعد كثرة التبول عند الأطفال من الأمور التي تثير قلق العديد من الأهل، خاصة عندما يلاحظون أن طفلهم يذهب إلى الحمام بشكل متكرر يفوق المعتاد.
ورغم أن التبول المنتظم أمر طبيعي وصحي، إلا أن التغييرات المفاجئة في النمط قد تشير إلى وجود مشكلة كامنة.
يعتمد التمييز بين التبول الطبيعي وكثرة التبول عند الأطفال على عدة عوامل مثل العمر، كمية السوائل المتناولة، ومستوى النشاط البدني. لذلك، من الضروري أن يعرف الأهل ما هو المعدل الطبيعي، ومتى تصبح الزيادة في عدد مرات التبول أمرًا يستدعي الانتباه.
مراقبة كثرة التبول عند الأطفال تتيح للوالدين فرصة التدخل المبكر في حال وجود أعراض مقلقة مثل العطش الشديد، التبول الليلي المتكرر، أو الشعور بالألم أثناء التبول.
ففي بعض الحالات، قد تكون المشكلة بسيطة ومؤقتة، وفي أحيان أخرى قد تكون مؤشرًا لحالة صحية مثل التهاب المسالك البولية أو داء السكري.
في هذا المقال من حكيم كير، سنتناول كل ما يهم الأهل حول كثرة التبول عند الأطفال: الأسباب المحتملة، العلامات التي تستوجب زيارة الطبيب، طرق التشخيص، وأهم الأساليب العلاجية المتبعة، إلى جانب نصائح عملية للتعامل مع هذه الحالة اليومية الشائعة.
ما هو عدد مرات التبول الطبيعي لدى الأطفال؟
يختلف معدل التبول الطبيعي من طفل لآخر حسب العمر، النشاط، ونمط الحياة. من المهم أن يعرف الأهل المعدل المتوقع لكل فئة عمرية لتحديد ما إذا كانت هناك مشكلة فعلية أو مجرد تفاوت طبيعي.
عادةً ما يتبول الرضع من 6 إلى 12 مرة في اليوم، نتيجة استهلاكهم العالي للسوائل واعتمادهم الكامل على الحليب.
أما الأطفال الصغار في عمر ما بين سنة إلى 5 سنوات، فيتراوح عدد مرات التبول لديهم بين 5 إلى 8 مرات يوميًا.
في حين أن المراهقين يتبولون بمعدل 4 إلى 6 مرات يوميًا، وقد يزيد العدد مع النشاط البدني أو شرب كميات كبيرة من الماء.
هناك عدة عوامل تؤثر على عدد مرات التبول، منها:
- كمية السوائل المستهلكة، وخاصة الماء والعصائر.
- نوعية الطعام (الأطعمة المالحة أو المحتوية على الكافيين).
- النشاط البدني ودرجة التعرّق.
- الطقس، إذ تزداد عدد مرات التبول في الطقس البارد.
- الحالة النفسية للطفل (مثل التوتر أو القلق).
نبدأ بالاشتباه في وجود كثرة التبول عند الأطفال عندما تصبح عدد مرات التبول أعلى من المعدل الطبيعي بشكل ملحوظ، دون وجود مبرر واضح (مثل شرب كميات كبيرة من الماء)، أو عندما ترافق الحالة أعراض أخرى مثل العطش الزائد، الاستيقاظ المتكرر ليلًا، أو التسرّب المفاجئ للبول بعد أن يكون الطفل قد تدرّب على استخدام الحمام.
اقرأ أكثر: نزلات البرد عند الأطفال: الأسباب ال6 وطرق الوقاية منها
الأسباب المحتملة لكثرة التبول عند الأطفال
تتنوع أسباب كثرة التبول عند الأطفال بين أسباب مؤقتة غير مقلقة، وأخرى مرضية تتطلب تدخلًا طبيًا ومن الضروري التفريق بين الحالتين لتحديد ما إذا كان الطفل يحتاج إلى علاج، أم أن الحالة عابرة ولا تستدعي القلق.
أسباب غير مرضية (حميدة ومؤقتة)
في كثير من الحالات، تكون كثرة التبول عند الأطفال نتيجة لعوامل بسيطة ومؤقتة، منها:
- شرب كميات كبيرة من السوائل، خصوصًا في فترة قصيرة من اليوم، أو تناول مشروبات مدرة للبول مثل العصائر المحتوية على الكافيين (كالشاي المثلج).
- الطقس البارد، إذ يقل التعرّق في الشتاء مما يزيد من كمية البول الناتجة.
- التوتر أو القلق، خاصة في مواقف مثل دخول المدرسة، أو تغييرات عائلية.
- مرحلة النمو السريع، والتي قد تؤثر على عمل المثانة لفترة قصيرة دون أن تكون مؤشرًا على وجود مرض.
لا تترافق هذه الأسباب عادة مع أعراض مقلقة، وتزول مع زوال العامل المحفز.
أسباب مرضية
أما في بعض الحالات، فتكون كثرة التبول عند الأطفال ناتجة عن حالات طبية تحتاج إلى فحص وتشخيص دقيق، وأهمها:
- التهاب المسالك البولية: وغالبًا ما يكون مصحوبًا بحرقة، ألم، أو رائحة قوية في البول.
- السكري من النمط الأول: خاصة إذا ترافق مع العطش المفرط، فقدان الوزن، أو التعب المستمر.
- فرط نشاط المثانة: حيث يعاني الطفل من رغبة مفاجئة وقوية بالتبول، وقد لا يستطيع التحكم بها.
- عدوى فيروسية مؤقتة: مثل نزلات البرد أو الإنفلونزا، والتي قد تؤثر على عمل المثانة بشكل مؤقت.
- مشاكل نفسية: مثل الخوف الليلي، أو الصدمات العاطفية، والتي قد تظهر بشكل أعراض جسدية ومنها كثرة التبول.
يساعد تشخيص السبب الصحيح وراء كثرة التبول عند الأطفال الأهل في اتخاذ القرار المناسب حول الحاجة إلى زيارة الطبيب أو الاكتفاء بالمراقبة والمتابعة المنزلية.
للاستزادة: أفضل 3 طرق للوقاية من نزلات البرد عند الأطفال في موسم الشتاء
متى يجب زيارة طبيب الأطفال في منصة حكيم كير؟
رغم أن بعض حالات كثرة التبول عند الأطفال تكون طبيعية أو مؤقتة، إلا أن هناك مؤشرات معيّنة تستدعي الانتباه وتستوجب زيارة الطبيب دون تأخير.
ينبغي مراجعة الطبيب إذا ظهرت أعراض مرافقة مع كثرة التبول عند الأطفال، مثل:
- حرقة أو ألم أثناء التبول
- ارتفاع في درجة الحرارة (حمى)
- رائحة قوية أو لون غير طبيعي للبول
- فقدان وزن غير مبرر
- عطش شديد ومتواصل
كذلك، إذا استمرت حالة كثرة التبول عند الأطفال لأكثر من أسبوع دون سبب واضح، أو لم ترتبط بعوامل مثل زيادة شرب السوائل أو الطقس البارد، فهذه إشارة تدعو للفحص الطبي لتحديد ما إذا كانت هناك حالة صحية كامنة مثل السكري أو التهابات المسالك البولية.
كما يُنصح بمراجعة الطبيب إذا بدأت كثرة التبول عند الأطفال تؤثر على نمط حياتهم اليومي، مثل:
- الاستيقاظ المتكرر أثناء الليل
- التبول اللاإرادي بعد سن التّدرب على الحمام
- القلق أو الانزعاج النفسي بسبب الحاجة المستمرة للذهاب إلى الحمام
المتابعة الطبية المبكرة ضرورية لتجنّب تفاقم المشكلة، وضمان حصول الطفل على العلاج المناسب في الوقت المناسب.
اقرأ المزيد: نقص الأكسجين عند الولادة: الأسباب، الأعراض، وطرق العلاج
طرق تشخيص كثرة التبول عند الأطفال

عند الاشتباه بوجود مشكلة وراء كثرة التبول عند الأطفال، يبدأ الطبيب بمجموعة من الخطوات التشخيصية التي تساعد على تحديد السبب بدقة واختيار العلاج المناسب.
التاريخ المرضي الكامل
أول خطوة مهمة هي أخذ تاريخ مرضي شامل، ويشمل:
- متى بدأت أعراض كثرة التبول عند الأطفال؟
- عدد مرات التبول يوميًا.
- وجود أعراض مصاحبة مثل العطش، الحمى، أو الألم.
- وجود حالات مرضية سابقة أو وراثية مثل السكري أو مشاكل في الكلى.
- تغيرات حديثة في نمط الحياة أو الحالة النفسية للطفل.
تحليل البول وفحص السكر
يُعد تحليل البول من أهم الفحوصات المبدئية. يمكنه الكشف عن:
- وجود التهابات في المسالك البولية.
- علامات على مشاكل في الكلى.
- وجود سكر في البول (مؤشر على احتمال الإصابة بالسكري).
- كما يُطلب غالبًا فحص نسبة السكر في الدم لاستبعاد مرض السكري من النوع الأول، أحد أسباب كثرة التبول عند الأطفال.
التصوير بالموجات فوق الصوتية
في بعض الحالات، يلجأ الطبيب إلى إجراء سونار للمثانة أو الكلى بهدف:
- التحقق من وجود تشوهات أو انسدادات.
- قياس كمية البول المتبقية بعد التبول.
- تقييم حالة الكلى والمثانة بشكل عام.
اختبارات إضافية حسب الحالة
بحسب ما تظهره النتائج المبدئية، قد يُطلب إجراء اختبارات إضافية مثل:
- تحاليل دم شاملة.
- اختبارات لوظائف الكلى.
- فحوصات نفسية إذا كان هناك شك بوجود سبب عاطفي أو نفسي.
التشخيص الدقيق هو مفتاح التعامل الصحيح مع كثرة التبول عند الأطفال، ويساعد على تجنّب القلق الزائد أو العلاج غير الضروري.
علاج كثرة التبول عند الأطفال بحسب السبب
يعتمد علاج كثرة التبول عند الأطفال على السبب الأساسي وراء الحالة، لذلك فإن التشخيص الدقيق هو الخطوة الأهم قبل البدء بأي نوع من العلاج. في بعض الحالات، يكون العلاج بسيطًا ويتطلب فقط تعديلات في نمط الحياة، بينما في حالات أخرى قد يحتاج الطفل إلى تدخل طبي أو نفسي.
العلاج السلوكي وتعديل العادات
إذا لم تكن هناك حالة مرضية واضحة، يمكن تحسين كثرة التبول عند الأطفال من خلال:
- تقليل كمية السوائل قبل النوم، خاصة المشروبات التي تحتوي على الكافيين أو السكر.
- تدريب الطفل على استخدام الحمام في أوقات محددة.
- تشجيع الطفل على التبول قبل النوم لتقليل التبول الليلي.
- استخدام جدول متابعة لملاحظة التحسن.
استفد أكثر: استشارات طبية مستعجلة عن بعد من منصة حكيم كير: رعاية فورية أينما كنت
المضادات الحيوية في حال وجود عدوى
إذا أظهر التشخيص وجود التهاب في المسالك البولية، فيُعالج الطفل بالمضادات الحيوية المناسبة بحسب نوع البكتيريا، مع مراقبة التحسن والتأكد من زوال الأعراض، بما فيها كثرة التبول عند الأطفال.
التحكم الغذائي في حال وجود مشاكل سكر
في حالات السكري من النوع الأول، يحتاج الطفل إلى خطة علاجية شاملة تشمل:
- تنظيم النظام الغذائي.
- أخذ الأنسولين بحسب وصف الطبيب.
- المتابعة الدورية لنسبة السكر في الدم.
لا يخفف هذا النوع من العلاج فقط من كثرة التبول عند الأطفال، بل يقي أيضًا من مضاعفات خطيرة على المدى البعيد.
أدوية للمثانة في بعض الحالات
إذا كانت المثانة مفرطة النشاط أو هناك تشخيص بحالة عصبية تؤثر على التحكم في البول، قد يصف الطبيب أدوية خاصة تساعد على تقليل انقباضات المثانة وتحسين التحكم، ما يؤدي إلى تقليل كثرة التبول عند الأطفال.
الدعم النفسي والسلوكي
في حال كان السبب نفسيًا مثل القلق أو الخوف الليلي، فإن جلسات العلاج النفسي السلوكي يمكن أن تُحدث فرقًا كبيرًا. دعم الطفل نفسيًا، والتحدث معه بلطف دون توبيخ، يساعد على تجاوز المرحلة وتقليل الأعراض المرتبطة بها.
يتطلب العلاج الناجح تعاونًا بين الطبيب، الأهل، والطفل؛ ومع المتابعة الجيدة، يمكن السيطرة على كثرة التبول عند الأطفال وتحسين جودة حياتهم اليومية.
نصائح للأهل للتعامل مع كثرة التبول عند الأطفال
التعامل مع كثرة التبول عند الأطفال قد يسبب قلقًا لدى الوالدين، خاصة عند غياب سبب واضح أو ظهور الحالة بشكل مفاجئ. لكن في كثير من الأحيان، يمكن تخفيف الأعراض أو السيطرة عليها من خلال خطوات بسيطة، دون الحاجة للقلق أو الضغط على الطفل.
راقب دون مبالغة
من المهم مراقبة عدد مرات التبول وملاحظة أي تغيّرات، لكن دون أن يشعر الطفل بأنه تحت المراقبة الدائمة. الضغط الزائد قد يزيد التوتر ويؤدي إلى تفاقم كثرة التبول عند الأطفال، خاصة إذا كان السبب نفسيًا. حافظ على الهدوء، ودوّن الملاحظات بهدوء لمشاركتها مع الطبيب عند الحاجة.
اضبط العادات اليومية
العادات اليومية تؤثر بشكل كبير على التحكم بالتبول. للمساعدة في تقليل كثرة التبول عند الأطفال، يمكنك:
- تقليل تناول السوائل قبل النوم بساعتين.
- تشجيع الطفل على دخول الحمام بانتظام، لكن دون إجبار.
- تقليل استهلاك المشروبات المدرة للبول مثل المشروبات الغازية أو العصائر الصناعية.
- الاهتمام بتوفير أجواء مريحة في المنزل، خاصة وقت النوم.
اسمح لطفلك بأن يعيش بشكل طبيعي
إذا لم تكن هناك أعراض مقلقة، وكان الطفل نشيطًا وسعيدًا، فلا بأس من السماح له بالتصرف بشكل طبيعي. لا تمنعه من اللعب أو المشاركة في الأنشطة خوفًا من كثرة التبول عند الأطفال، فالتوتر قد يزيد المشكلة. بدلاً من ذلك، علّمه كيف يعبر عن حاجته للذهاب إلى الحمام دون خجل، وخاصة في المدرسة أو الأماكن العامة.
تذكّر أن الكثير من حالات كثرة التبول عند الأطفال تزول من تلقاء نفسها، ومع بعض الوعي والدعم العاطفي، يمكن للأهل تخطيها بسهولة دون ضغوط زائدة على الطفل أو أنفسهم.
الخاتمة
رغم أن كثرة التبول عند الأطفال لا تكون دائمًا مؤشرًا على وجود مرض، إلا أن تجاهلها تمامًا قد يؤدي إلى إغفال مشكلة صحية تستوجب التدخل. لذلك، من المهم أن يتعامل الأهل مع الأمر بوعي واتزان، بعيدًا عن القلق المفرط أو التهوين الزائد.
يساعد التشخيص المبكر في تحديد السبب الحقيقي، سواء كان بسيطًا أو بحاجة إلى علاج، ما يتيح للأهل اتخاذ قرارات صحيحة تُخفف من الأعراض وتُطمئنهم على صحة أطفالهم.
لا تعتمد فقط على التخمين. راقب بهدوء، اسأل طبيبك عندما تشك، وتصرف بناءً على المعرفة لا الخوف. فالتعامل الذكي مع كثرة التبول عند الأطفال يبدأ بالوعي، وينتهي براحة البال.


