يُعد اللولب الهرموني من أكثر وسائل تنظيم الحمل فعالية وأماناً، وهو جهاز صغير يُوضع داخل الرحم ويعمل على إطلاق هرمون معين يمنع الحمل بطرق متعددة.
وعلى عكس بعض الوسائل الأخرى، مثل الحبوب اليومية أو الحقن، يتميز اللولب الهرموني بفعاليته الطويلة التي قد تمتد لعدة سنوات دون الحاجة لتدخل يومي أو شهري.
تختلف وسائل تنظيم الحمل من حيث المكونات، وآلية العمل، ومدى ملاءمتها لكل امرأة، فبينما تعتمد بعض الوسائل على هرمونات الإستروجين والبروجستين معًا، يتميز اللولب الهرموني باحتوائه على نوع واحد من الهرمون (البروجستين)، مما يجعله مناسبًا لفئة واسعة من النساء، خاصة من لديهن حساسية تجاه الإستروجين.
ونظرًا لتعدد الخيارات المتاحة، من الضروري أن تفهم المرأة آلية عمل اللولب الهرموني، وفوائده الصحية، وأعراضه الجانبية المحتملة، حتى تتمكن من اتخاذ قرار واعٍ ومناسب لحالتها الصحية ونمط حياتها.
ما هو اللولب الهرموني؟
اللولب الهرموني هو وسيلة طويلة الأمد لتنظيم الحمل، تُزرع داخل الرحم من قِبل الطبيب المختص. يشبه شكله الحرف الإنجليزي “T” ويُصنع من البلاستيك المرن، وتكون فيه أسطوانة صغيرة تحتوي على هرمون يُسمى ليفونورجيستريل (Levonorgestrel)، وهو نوع من البروجستين، أي هرمون صناعي يُشبه البروجستيرون الطبيعي الموجود في جسم المرأة.
يقوم اللولب بإفراز كميات صغيرة من هذا الهرمون بشكل مستمر داخل الرحم، مما يساهم في منع الحمل عبر آليات متعددة، مثل زيادة كثافة المخاط في عنق الرحم لمنع وصول الحيوانات المنوية إلى البويضة، وترقيق بطانة الرحم، وأحيانًا تثبيط التبويض.
هناك عدة أنواع من اللولب الهرموني تختلف فيما بينها من حيث الجرعة وفترة الفعالية، أشهرها:
- Mirena (ميرينا): يدوم حتى 5 سنوات، ويُستخدم أيضًا لعلاج النزيف الغزير.
- Kyleena (كايلينا): يدوم حتى 5 سنوات، ويحتوي على جرعة أقل من الهرمون مقارنة بميرينا.
- Skyla (سكايلا): فعّال حتى 3 سنوات، ويعد خيارًا مناسبًا للفتيات أو النساء اللاتي لم يلدن بعد.
- Liletta (ليليتا): فعّال حتى 6 سنوات، ويشبه ميرينا من حيث التركيب.
تتراوح فترة فعالية اللولب الهرموني بين 3 إلى 7 سنوات حسب النوع، ويُعد من الخيارات المريحة للنساء اللاتي يفضلن عدم الانشغال بتناول وسيلة منع الحمل يوميًا أو شهريًا.
اقرأ المزيد: ضعف الرغبة الجنسية: ما هي أسبابها وطرق علاجها؟
آلية عمل اللولب الهرموني

يعتمد اللولب الهرموني في فعاليته على إفراز هرمون الليفونورجيستريل (Levonorgestrel) مباشرة داخل تجويف الرحم بكميات صغيرة وثابتة يوميًا وهذا الهرمون يعمل بعدة طرق متكاملة لمنع حدوث الحمل:
- تأثيره على مخاط عنق الرحم: يعمل الليفونورجيستريل على زيادة كثافة المخاط الموجود في عنق الرحم، مما يجعل من الصعب على الحيوانات المنوية الوصول إلى البويضة لتخصيبها.
- تأثيره على بطانة الرحم: يؤدي وجود الهرمون إلى ترقيق بطانة الرحم (Endometrium)، مما يجعلها أقل استعدادًا لاستقبال البويضة المخصبة، وبالتالي يقل احتمال حدوث انغراس للحمل.
- التأثير على الإباضة: في بعض الحالات، خاصة مع الأنواع التي تحتوي على جرعات أعلى من الهرمون مثل Mirena، يمكن أن يمنع اللولب التبويض (خروج البويضة من المبيض) أو يقلل من حدوثه. لكن هذه ليست الآلية الرئيسية، بل هي تأثير إضافي.
هذه الآليات الثلاث تعمل معًا لتوفير حماية فعّالة ضد الحمل، بنسبة نجاح تفوق 99%. ومن ميزاتها أنها تترك التأثير الهرموني محليًا داخل الرحم، مما يقلل من الآثار الجانبية الجهازية مقارنة ببعض الوسائل الأخرى.
للاستزادة: مراحل العلاقة الجنسية عند الرجل: ما هي بالترتيب؟
فوائد اللولب الهرموني
يمتاز اللولب الهرموني بعدد من الفوائد التي تجعله خيارًا مفضلًا للعديد من النساء، سواء لأغراض منع الحمل أو لأهداف صحية أخرى. ومن أبرز هذه الفوائد:
- فعالية عالية في منع الحمل: يُعتبر من أكثر وسائل منع الحمل فعالية، حيث تتجاوز نسبة الحماية 99%، ما يعني أن فرص حدوث الحمل أثناء استخدامه ضئيلة جدًا.
- تقليل غزارة الدورة الشهرية: من أبرز مزايا اللولب الهرموني أنه يعمل على ترقيق بطانة الرحم، مما يؤدي إلى تقليل كمية النزيف خلال الدورة الشهرية. وفي بعض الحالات، قد تنقطع الدورة تمامًا أو تصبح بقعًا خفيفة فقط.
- التخفيف من آلام الطمث: يعمل الليفونورجيستريل على تقليل تقلصات الرحم المصاحبة للدورة، ما يساهم في تخفيف آلام الحيض لدى النساء اللاتي يعانين من طمث مؤلم.
- أغراض علاجية: لا يقتصر دور اللولب الهرموني على منع الحمل، بل يُستخدم أيضًا في علاج بعض الحالات مثل:
- الانتباذ البطاني الرحمي (Endometriosis): حيث يخفف من أعراض الألم والنزيف.
- فقر الدم الناتج عن النزيف الغزير: عبر تقليل فقدان الدم.
- فرط تنسج بطانة الرحم: كجزء من العلاج الوقائي في بعض الحالات.
- وسيلة طويلة الأمد لا تتطلب متابعة يومية: على عكس الحبوب أو الوسائل المؤقتة، يوفر اللولب راحة نفسية وسهولة في الاستخدام، حيث يستمر مفعوله لسنوات دون الحاجة للتدخل المنتظم، مع إمكانية إزالته في أي وقت عند الرغبة في الحمل أو التبديل إلى وسيلة أخرى.
اقرأي أكثر: مدة العلاقة الزوجية الطبيعية: ما هي مدة الجماع الطبيعية؟
الآثار الجانبية والمضاعفات المحتملة للولب الهرموني
رغم أن اللولب الهرموني يُعد من الوسائل الآمنة والفعالة لتنظيم الحمل، فإنه قد يترافق مع بعض الآثار الجانبية أو المضاعفات التي تختلف من امرأة لأخرى، وتتفاوت شدتها حسب طبيعة الجسم ونوع اللولب المستخدم. من أبرز هذه الآثار:
اضطرابات الدورة الشهرية
خلال الأشهر الأولى بعد التركيب، قد تعاني بعض النساء من نزيف خفيف أو غير منتظم. مع مرور الوقت، تقل كمية النزيف بشكل ملحوظ، وقد تنقطع الدورة الشهرية تمامًا لدى نسبة من النساء، وهو أمر شائع وغير مضر من الناحية الطبية.
تغيرات هرمونية
بما أن اللولب يطلق هرمون الليفونورجيستريل، فقد تظهر بعض الأعراض الجانبية المرتبطة بالهرمونات مثل:
- تقلبات المزاج أو الشعور بالقلق.
- ظهور حب الشباب.
- احتقان أو آلام في الثدي.
ألم مؤقت بعد التركيب
قد تشعر المرأة بانقباضات أو ألم في أسفل البطن لبضع ساعات أو أيام بعد تركيب اللولب. كما يمكن أن يحدث انزعاج أثناء العلاقة الحميمة في بعض الحالات، خاصة إن لم يُركّب اللولب بشكل مثالي.
احتمالات نادرة للمضاعفات
- انزياح اللولب من مكانه أو خروجه جزئيًا من الرحم، ما قد يقلل من فعاليته.
- ثقب في جدار الرحم أثناء التركيب (وهو نادر جدًا)، ويتطلب تدخلاً طبيًا في حال حدوثه.
عدم الحماية من الأمراض المنقولة جنسيًا
من المهم التنويه إلى أن اللولب الهرموني لا يوفر أي حماية من العدوى المنقولة جنسيًا، مثل الكلاميديا أو فيروس الورم الحليمي. لذلك، يُوصى باستخدام الواقي الذكري إلى جانبه في حالات تعدد الشركاء أو وجود عوامل خطر.
اقرأي أكثر: ليزر ازالة الشعر للنساء: فوائده ال7 وعدد الجلسات المطلوبة
لمن يُنصح باستخدام اللولب الهرموني؟

يُعد اللولب الهرموني خيارًا مثاليًا لفئة معينة من النساء، نظرًا لفعاليته العالية وخصائصه العلاجية. ومن أبرز الحالات التي يُوصى فيها باستخدامه:
النساء اللاتي لا يرغبن في الحمل لعدة سنوات
يُناسب النساء اللواتي يبحثن عن وسيلة طويلة الأمد لتنظيم الحمل، دون الحاجة لتناول أدوية يومية أو زيارة متكررة للطبيب. بفضل فعاليته التي تمتد بين 3 إلى 7 سنوات حسب النوع، يمنح راحة واستقرارًا في الحياة الإنجابية.
النساء المصابات بغزارة الدورة الشهرية
يُستخدم اللولب الهرموني كخيار علاجي فعال لتقليل النزيف الحاد أثناء الدورة، وهو ما يساعد في الوقاية من فقر الدم وتحسين جودة الحياة لدى النساء اللواتي يعانين من هذه المشكلة.
النساء غير القادرات على استخدام الإستروجين
لأن اللولب يحتوي على هرمون البروجستين فقط (ليفونورجيستريل)، فإنه يُعد بديلًا آمنًا للنساء اللواتي لا يُناسبهن استخدام موانع الحمل التي تحتوي على الإستروجين، مثل النساء المدخنات فوق سن 35، أو المصابات بارتفاع ضغط الدم أو تاريخ مرضي لتجلطات دموية.
للمزيد من المعلومات: الأمراض النفسية عند النساء: 10 أمراض نفسية شائعة وطرق علاجها
يُعتبر اللولب الهرموني من أكثر وسائل تنظيم الحمل فعالية وأمانًا، حيث يجمع بين سهولة الاستخدام والفوائد الصحية، خاصة للنساء اللواتي يعانين من مشاكل في الدورة الشهرية أو لا يُناسبهن الإستروجين. ومع ذلك، فإن اتخاذ قرار باستخدامه ينبغي أن يكون مبنيًا على فهم دقيق لآلية عمله، وفوائده، وآثاره الجانبية المحتملة، وبمشورة طبية متخصصة من حكيم كير.
فلكل امرأة احتياجاتها الصحية والخاصة، واختيار وسيلة منع الحمل المناسبة يجب أن يكون خطوة واعية تُراعي الجوانب الجسدية والنفسية معًا.



