خلال عملي في عيادة حكيم كير، قابلت مئات الشباب الذين يعيشون بين طموحات كبيرة وضغوط متزايدة. بعضهم جاء مثقلًا بمسؤوليات أسرية، وآخرون كانوا يبحثون عن هويتهم أو معنى لحياتهم.
لكن ما لاحظته بوضوح هو أن الشباب ليسوا عبئًا كما يُظَن أحيانًا، بل هم طاقة إذا وُجّهت بوعي، تحوّل كل بيت وكل مجتمع إلى منظومة نابضة بالحياة.
أذكر شابًا في بداية العشرينات، كان يشعر بالعجز لأنه لم يجد عملًا بعد تخرجه. تحدثنا طويلًا عن مفهوم “القيمة” في حياة الإنسان، فبدأ بعدها بالعمل التطوعي في دار رعاية، وهناك اكتشف شغفه الحقيقي. بعد عامين أصبح قائد فريق تطوع يُدرّب الآخرين على مهارات الحياة.
من تلك التجربة تعلمت أنا أيضًا أن التمكين لا يبدأ من الوظيفة، بل من الإيمان بالقدرة على الإضافة.
دور الشباب في تنمية الأسرة: ركيزة الدعم والتوازن
وجود الشباب داخل الأسرة يعني وجود “نبض متجدد”. لقد رأيت في عيادتي كيف تتبدل حياة الأسر عندما يتحمّل الأبناء دورًا إيجابيًا تجاه والديهم وإخوتهم.
- دعم الوالدين والمشاركة في المسؤوليات: عندما يشارك الشاب في قرارات البيت أو يساند والديه في المهام اليومية، يشعر الجميع بالانتماء الحقيقي.
- أن يكون قدوة صالحة لإخوانه الصغار: فالكلمة الطيبة والموقف الناضج يرسخان قيمًا تبقى مدى الحياة.
- المساهمة في تحسين الوضع المعيشي والتعليمي: سواء بدعم دراسي أو مبادرات صغيرة لتحسين الدخل، يصبح الشباب جسرًا بين الطموح والواقع.
- نشر ثقافة الحوار والتفاهم داخل الأسرة: لأن الشاب الواعي لا يرفع صوته، بل يرفع وعي من حوله.
أحد مرضاي كان يقول لي: “حين توقفت عن انتقاد والدي وبدأت أستمع له، تغيرت نبرة بيتنا كلها”. ذلك هو جوهر النضج الأسري.
تعلم عن تهيئة البيئة المنزلية الآمنة للمسنين: نصائح وحلول عملية
الشباب في المجتمع: طاقة التغيير والبناء
في عملي مع مجموعات شبابية ضمن برامج الدعم النفسي المجتمعي، أدهشني كيف يمكن لفكرة واحدة أن تُحدث أثرًا ملموسًا.
- الانخراط في الأعمال التطوعية والخيرية: التطوع يعالج الشعور بالفراغ ويُنمّي الانتماء.
- ابتكار حلول عملية لمشكلات مجتمعية: رأيت شبابًا سعوديين يبتكرون تطبيقات للحد من هدر الطعام أو لرفع الوعي البيئي — طاقات خلاقة تعكس عمق الانتماء الوطني.
- تمكين دور الشباب في تنمية الأسرة وتمثيل قيم المجتمع السعودي في المحافل المحلية والعالمية: من خلال الأخلاق، والانفتاح الواعي، والقدرة على الحوار.
- قيادة المشاريع والمبادرات التنموية: التي تتماشى مع رؤية المملكة 2030 وتحوّل الطموحات الوطنية إلى واقع ملموس.
الشباب اليوم هم صُنّاع الغد، لا مجرد منتظرين له.
اقرأ المزيد عن كيف تتعامل الأسرة مع التغيرات السلوكية لكبار السن برحمة ووعي
ماذا تقدم المملكة للشباب؟
في السنوات الأخيرة، شهدنا قفزة نوعية في تمكين الشباب السعودي على كل المستويات:
- برامج تمكين وتمويل المشاريع الناشئة (منشآت، بنك التنمية الاجتماعية).
- مبادرات التدريب والتأهيل المهني والرقمي (تمهير، أكاديمية سدايا).
- دعم الابتكار والريادة عبر مسرعات ومسابقات (مسرعة مسك).
- منح وبرامج ابتعاث لبناء جيل من القيادات الشابة المؤهلة عالميًا.
- بيئة قانونية وتنظيمية داعمة عبر مجلس شؤون الأسرة ولجان الشباب في المناطق.
هذه المنظومة المتكاملة تجعل من تمكين الشباب ركيزة وطنية لا مجرد شعار.
اقرأ أكثر عن الصراعات المالية داخل الأسرة: 6 خطوات فعالة لتجاوزها
من خبرتي المهنية: ما يحتاجه الشباب اليوم
خلال عقدٍ من العمل العلاجي، أدركت أن أعظم ما يحتاجه الشاب ليس المال أو الشهرة، بل الشعور بالمعنى والانتماء.
الشاب الذي يشعر أن صوته مسموع في أسرته، وأن جهده مقدّر في مجتمعه، نادرًا ما يُصاب بالإحباط أو العزلة.
أما حين يغيب الدعم الأسري أو التوجيه النفسي، يبدأ التراجع في الحافز والطموح.
لهذا، أوصي دائمًا بـ:
- الاستماع للشباب دون أحكام.
- تشجيعهم على المشاركة لا الإقصاء.
- تقديم الدعم النفسي المبكر عند ظهور علامات القلق أو التشتت.
فكل استثمار في صحة الشباب النفسية هو استثمار مباشر في تماسك الأسرة واستقرار المجتمع.
اقرأ أكثر عن المخاطر النفسية للمحتوى غير المناسب وكيفية الوقاية منه
من حكيم كير إلى شباب اليوم
في عيادة حكيم كير، نؤمن أن الشباب ليسوا مرحلة عابرة، بل بذورًا لمستقبل أكثر وعيًا وتوازنًا. نعمل على تقديم جلسات دعم نفسي، وبرامج تدريب على مهارات الحياة والتوازن النفسي، لمساعدة كل شاب على تحقيق ذاته ضمن أسرته ومجتمعه.
إذا كنت شابًا تبحث عن التوازن بين طموحك ومسؤولياتك، أو أبًا يريد فهم أبنائه بشكل أعمق — فنحن هنا لنستمع، ونرشد، ونمكّنك.
احجز جلستك في حكيم كير اليوم، وابدأ رحلة وعيك نحو أثرٍ حقيقي في الحياة.
